جبهة النضال الشعبي الفلسطيني بقلم الكاتب محسن الخزندار

جبهة النضال الشعبي الفلسطيني بقلم الكاتب محسن الخزندار


جبهة النضال الشعبي الفلسطيني
تعدُّ جبهة النضال الشعبي الفلسطيني واحدة من أقدم القوى السياسية والعسكرية الفدائية التي تشكلت في سياق النهوض الوطني الفلسطيني الكبير في الثورة المعاصرة، فقد تأسست في مدينة القدس بعد احتلالها الكامل، على يد رعيل من المناضلين الفلسطينيين من التيارات القومية العربية، خصوصاً بعض قادة حركة القوميين العرب في القدس والضفة الغربية والأردن وفي المقدمة منهم : الدكتور صبحي غوشة، الشهيد سفيان خليل سفيان (أبو الحكم)، مصطفى وزوز، إبراهيم فتياني (أبو النايف)، خالد الخروف، والدكتور رفعت عودة … ومن أعضاء قياديين سابقين في حزب البعث العربي الاشتراكي انضموا إليها بعد وقت قصير من انطلاقتها كالمناضل بهجت أبو غربية في تلك الفترة كان يمكن لأي تجمع أصدقاء في مدينة أو في مخيم لاجئين أن يترابط بطريقة عرضية ويتخذ لنفسه اسماً يبهر الناس ويعلن وجوده وخاصة إذا كان يمتلك آلة كاتبة أو طابعة( ).
كان إنشاء الاتصال في مثل هذه الحالات يتوقف على المصادفة إلى حد بعيد ومن تلك الجماعات واحدة حملت اسماً طناناً هو كتائب العودة وقد أسسها شابان من منطقة أريحا ذوا ميول يسارية هما طلعت يعقوب وعبد الفتاح غانم.
كانت هناك جماعة أهم منها هي حركة الثوريين العرب التي كان مقرها الأساسي العراق وكان لها عدد صغير من الأنصار المسلحين في نابلس.
رأت حركة فتح أن تستوعبهم في هذا الوقت وكان أشد ما جذب حركة فتح إلى هذه الجماعة الصغيرة وجود الوزير العراقي عبد الرازق النايف عضوا في مكتبها السياسي إذ أنه كان وسيلة للالتفاف على الرئيس عبد السلام عارف ولإنشاء صلة بالمعارضة العراقية غير أن تلك الصلات كانت عابرة وما كان له أثر بعيد هو نشوء جبهة النضال الشعبي الفلسطيني وهي الجماعة الوحيدة بين الجماعات الصغيرة المحلية التي استمرت بعد سنة 1967.
ارتبطت الجبهة باسم مؤسسها في شهر يوليو/1967 الطبيب صبحي غوشة المقيم في القدس وأصبحت فيما بعد عضواً كاملاً في منظمة التحرير الفلسطينية.
كان د. صبحي غوشة عضواً سابقاً في القيادة الإقليمية لحركة القوميين العرب في الأردن واعتقل أثناء الحملة الحكومية سنة 1966 واتهمه زملاؤه في غمار الارتباك الذي تلا ذلك بأنه أدلى باعترافات خلال إخضاعه للاستجواب ونتيجة لذلك كانت العلاقة بين د.صبحي غوشة وحركة القوميين العرب مشوبة بالتوتر.
قرر العمل بصورة مستقلة عندما نشبت حرب 1967 وكان هدفه الأساسي إنشاء مظلة تنظيمية لتنسيق المقاومة ضد إسرائيل في الأراضي المحتلة فوجهت جبهة النضال الشعبي الفلسطيني طاقتها في البداية نحو حشد الشخصيات المحلية والهيئات الاجتماعية للقيام بأعمال احتجاج مدنية.
كانت الحدود بين المنظمات لا تزال مائعة في تلك الفترة واستمر التداخل الكبير بين جهود د.صبحي غوشة وجهود حركة القوميين العرب فكانت حركة القوميين العرب طرفا في البيان الأول الذي صدر في القدس بتاريخ 15/يوليو/1967 وهو يحمل اسم النضال الشعبي فقط وبعد فترة وجيزة اعتقل د. صبحي غوشة اعتقالاً إدارياً مدته ستة أشهر بسبب قيامه بتنظيم أعمال احتجاج مدنية لكنه كان قد أنشأ اتصالاً بضابطين ينتميان إلى حركة القوميين العرب فساعدا في تأسيس الجبهة وكونا قيادتها العسكرية الجنينية وهما الضابطان فايز حمدان وفيصل الحسيني.
كان أحد الضابطين ضابطاً سابقاً في الجيش الأردني في حين كان الآخر الذي أدى دوراً أكثر نشاطاً ضابطاً صغيراً في جيش التحرير الفلسطيني وكان قد تسلل لتوه إلى الضفة الغربية عائداً من سوريا وقد رأى الضابطان أن مهمتهما هي تنسيق المقاومة العسكرية والمدنية الفلسطينية بصفة عامة والحقيقة أن احدهما كان قد قبل أن يكون القائد العسكري لحركة القوميين العرب في الضفة الغربية عمل في البداية ضابط اتصال بين قيادة جيش التحرير الفلسطيني وضباطه في قطاع غزة.
أعلنت جبهة النضال الشعبي الفلسطيني تأسيسها في شهر يوليو/1967 وكان نشاطها مقتصراً على الاحتجاج السلمي وذلك بالاعتصام وتوزيع منشورات وكتابة شعارات على الجدران والتحريض على مقاطعة السلع الإسرائيلية وتعود محدودية ذلك النشاط إلى افتقار الجبهة إلى الأسلحة والأفراد المدربين.
اضطرت جبهة النضال الشعبي الفلسطيني بوصفها جماعة محلية ليس لها امتداد تنظيمي في الدول العربية المجاورة إلى الاعتماد على عدد قليل من الأسلحة التي أخذت من مخلفات ميدان القتال في الضفة الغربية كما اقتصر تدريب الأعضاء على تعليمات شفوية في المنازل تتعلق بطرق استعمال الوسائل البدائية مثل قنابل المولوتوف.
قامت قيادة حركة فتح بعد وقت قصير من تجديد حركة فتح لنشاطها القتالي بالاتصال بالقادة العسكريين في جبهة النضال الشعبي الفلسطيني أملاً بضمهم إلى حركة فتح وقد رفض هؤلاء عرضاً بتولي مسؤوليات عسكرية كبيرة في حركة فتح لكنهم مع ذلك تلقوا كمية من الأسلحة والأموال.
الحقيقة أن جبهة النضال الشعبي الفلسطيني كانت في تلك الفترة تتعاون مع حركة فتح بصورة أكبر على الرغم من استمرار ارتباطها بحركة القوميين العرب وقد ساعد أعضاؤها فيما بعد في تهريب ياسر عرفات بين البيوت الأمينة في القدس ورام الله بعد أن تعقبته أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية ولم تقم جبهة النضال بأول عملية عسكرية لها إلا ليلة عيد الميلاد مستخدمة أسلحة حصلت عليها من حركة فتح علماً بأن قادتها العسكريين كانوا قد اعتقلوا قبل ذلك الحين( ).
وتعتبر جبهة النضال الشعبي الفلسطيني وهي تنظيم فلسطيني يساري ينتمي إلى منظمة التحرير الفلسطينية، تأسس سنة 1967وأصبحت منظمة تابعة لحركة فتح سنة 1971 لكنها سرعان ما استعادت استقلاليتها ، و ذالك على اثر انضمام المناضل بهجت أبو غربية إلى الجبهة, اكتسبت جبهت النضال قوة كبير بانضمام بهجت أبو غربية وهو الذي كان عضوا في اللجنة التنفيذية للمنظمة واحد مؤسسيها ، فعمل المناضل بهجت أبو غربية على انفصال الجبهة عن حركة فتح. و إنضمت إلى جبهة الرفض سنة 1974. شاركت الجبهة في المعارك أمام الطرف اليميني أثناء الحرب الأهلية اللبنانية و شاركت في مقاومة الإجتياح الإسرائيلي للبنان سنة 1978 و 1982. شهدت سنة 1992 عدة خلافات بين قياديها أدت إلى حصول انشقاق و انقسام الجبهة إلى تنظيمين واحد بقيادة الدكتور سمير غوشة الوزير السابق و عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية, و واحد امينه العام خالد عبد المجيد, المقيم في دمشق ( ).



المراجع

1- على بدوان – موقع القدس نت
2- -يزيد صايغ ،"الكفاح المسلح والبحث عن الدولة-الحركة الوطنية الفلسطينية 1949-1993" ،مؤسسة الدراسات الفلسطينية ،ص254-255
3- الموسوعة الحرة - ويكابيدا